حصّالة الوقت .
فيما کنت مارة بقرية صغيرة وجدت صدفة حصالة نقود كتلك التي كنا نستعملها عندما كنت صغيرة. ولكني لم أعد أرى حصالات كهذه منذ زمن بعيد وكأنهم لم يعودوا يصنعونها. أتعرف؟ من الممتع امتلاك شيء كهذا.
ها أنا مع حصالة نقودي. كلما تذكرت أضع بعض النقود المعدنية فيها، والأسئلة الثلاثة ترد في عقلي: متى ستمتلئ؟ كم ستسع من مال؟ علام أنوي أن أنفقها؟ علينا أن نسأل هذه الأسئلة الثلاث عن حالة الوقت التي نكد في ملئها. بعض الأهل يدخرون الوقت إلى ما بعد اليوم الذي يشترون فيه كل ما يرغبون فيه: بيتا، أثاثا، منزلا على شاطئ البحر، سيارة. المشكلة أنه حتى يأتي الوقت الذي يكسرون فيه حصالة النقود يكون أولادهم قد تركوهم. وإذا كان الأولاد في عمر المراهقة سيفضلون التواجد مع رفاقهم قائلين لهم: «اذهبوا أنتم إلى الشاطئ أما أنا فسأخرج مع رفاقي». الحقيقة أن الأهل يدخرون الوقت ليستمتعوا به وحدهم.
وبعض الناس يدخرون الوقت إلى سن التقاعد أو إلى شيخوختهم. ولكن من يعرف؟ قد ينتهي الأمر بجسمك المتعب بالإصابة بنوبة قلبية قبل أن تستمتع بالوقت الذي ادخرت.
من مفارقات الحياة أن الطفل عندما يكون صغيرة ويحب أن يكون مع أهله، يكون هؤلاء الأهل مشغولين جدة. وعندما يجدون أخيرة الوقت ليكونوا مع ابنهم، يكون هذا الابن قد كبر ولم يعد راغبة في قضاء الوقت معهم، مفضلا التواجد مع رفاقه.
عندما ننسى أولوياتنا، نتجاهل المكانة التي يشغلها أولادنا في حياتنا وننسى أيضا أنهم لن يبقوا أولادة إلا لعدة سنوات فقط وأنهم لن ينتظرونا على العتبة وأننا لن نكون دائما الأوائل في قلوبهم ولن نكون من يلجؤون إليهم في الشدائد والصعاب. ننسى أن الوقت يمضي بالنسبة لهم وبالنسبة لنا وأنهم حالما يقولون وداعة لطفولتهم فالطفولة لن تعود أبدا. ونفشل في أن ندرك أن صحبتهم هي هبة نستمتع بها في الحاضر.
يمكننا القول باختصار إن الثمن الذي دفعه للاستعجال:
- الحياة ترتبك وتضطرب عندما نعجز عن تحديد الأولويات
- الأهل يصبحون متعبين وسريعي الغضب
- لا يعود هناك وقت لهضم التجارب
- تفوتنا التسلية والاستمتاع بالحياة ونخسر التواصل مع من نحبه
- تصبح الحياة بلا جدوى.
المصدر: هل نربي أولادنا أو نفسدهم، تأليف: د. روزا باروسيو. ترجمة آمال الأتات.
©حقوق الطبع والنشر لأصحابها.
